بسم الله نبدأ.
مُخطئٌ من ظنّ يوما، أنّ للثعلب دينا
في أحد الأيام شعر الثعلب بالجوع ولم يجد أمامه من الطعام ما يسد جوعه، وفجأة رأى من بعيد ديك كبير يقف داخل المزرعة، فجلس يفكر كيف يستطيع الوصول إلى داخل المزرعة وأكل هذا الديك، وبعد فترة من التفكير اهتدى لحيلة، يستطيع بها خداع الناس والديك، فمشى أمامهم وهو يسب المكر والماكرين ويدعوا الناس إلى الإيمان بالله و التوبة والزهد والورع.
حتى انطلت الخدعة على الجميع وظنوا أن الثعلب قد اهتدى وكف عن مكره، وهنا بدأ الثعلب ينصب شباكه حول فريسته، فقال لهم أرسلوا إلى الديك حتى يؤذن لصلاة الصبح فينا، فسمعوا كلامه وأرسلوا إلى الديك يطلبون منه أن يؤذن لهم، فقال لهم الديك أن الثعلب لا يمكن أن يكف عن مكره يومًا ولن يهتدي كما يدعي وأن الديك أخذ هذه الحكمة عن جدوده اللذين وقعوا في الفخ من قبله وصدقوا الثعلب فما كان منه إلا أن أكلهم فقالوا وقد عرفوه وعرفوا من خدعه أنه كل من يظن أن الثعلب قد اهتدى فهو مخطئ فالثعالب لا تستغني أبدًا عن المكر والحيلة.
الحكمة من القصة:
ما أكثر الثعالب في حياتنا، مدعين الحكمة والثقافة والدين وما أكثر الديوك الذين يقعون فريسة لأفكارهم وأطماعهم، فاحذر الفتنة واتبع ما أمرك الله به وانتهي عما نهاك عنه تسلم من مكر الثعالب وتأمن شرهم، فالله تعالى قال في كتابه الكريم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [سورة الأعراف: 199]، خذ العفو: أي خذ من أصول آداب هذا الدين وقواعد شرعه اليسر وتجنب الحرج وما يشق على الناس، وأمر بالعرف: وهو ما تعارفه الناس من الخير وفسروه بالمعروف، وأعرض عن الجاهلين: وهم السفهاء ، بترك معاشرتهم وعدم مماراتهم في سفههم، ويجب الإعراض عن السفهاء: لأنهم لا يطلبون الحق إذا فقدوه ، ولا يأخذون فيما يخالف أهواءهم إذا وجدوه ، ولا يرعون عهدا ، ولا يحفظون ودا ، ولا يشكرون من النعمة إلا ما اتصل مدده ، فإذا انقطع عاد الشكر كفرا ، واستحال المدح ذما.
القصة كما ذكرت في الفيديو
اشتهر امير الشعراء احمد شوقي بالحكايه الشعريه التي تروي قصه سهلة علي العامه والخاصه وتنتهي الى خلاصة تشكل زبدة الحكمه نظم شوقي من هذا النسق عشرات القصائد ومنها حكايه الثعلب الذي جاع بعده تنبئ معشر الطيور لمكائده فأرسل الى ديك غر قردا ينبئه ان الثعلب تاب عن اكل الدواجن الحرام لكنه يريد منه ان يأتي اليه ليؤذن به الفجر ويصليا والناس نيام فكانت الحكايه:
بَرزَ الثعلبُ يوماً في شِعار الواعظينا
فمشى في الأرضِ يَهدي ويَسُبُّ الماكرينا
ويقولُ: الحمدُ للّـه إلهِ العالَمينا
يا عبادَ اللهِ تُوبُوا فَهْوَ كَهفُ التائبينا
وازهـدُوا في الطَّيرِ إنّ الــعَيشَ عيشُ الزاهدينا
وآطلُبوا الدِّيكَ يؤذِّنْ لصلاةِ الصبحِ فينا
فأتى الديكَ رسولٌ مِن إمامِ الناسكينا
عرضَ الأمرَ عليهِ وهْو يَرجو أنْ يَلينا
فأجابَ الديكُ: عُذراً يا أضَلَّ المُهتدينا!
بَلِّغِ الثعلبَ عنيّ عن جُدودِي الصالحينا
عن ذوي التِّيجانِ مِمّنْ دَخَلَ البطنَ اللَّعينا
أَنّهم قالوا وخَيرُ الــقَولِ قَولُ العارفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أنّ لِلثَّعلبِ دِينا